“Some Extra Faith”
الخروج من بنبلونة لم يكن بالأمر السهل. الأسهم الصفراء خانتني كثيراً هذه المرة ولم ترشدني كما اعتدت. قضيت ساعة تقريباً في ما يشبه المتاهة. في البداية كنت سعيدة بشعور المغامرة وبعدها قلقت كثيراً وبدأت أسال الناس عن مخارج المدينة.
لا توجد كلمات تصف مدى اللطف والكياسة وحب المساعدة عند سكان تلك المدينة. بعد فترة أصبحت لا أسأل احد بل هم بأنفسهم يبادروني بهتافات مرحة “إلكامينو ، إلكامينو” ويشيرون لي بأيديهم حتى أسلك الدرب السليم. شعرت بإحساس متسابقي الماراثونات العالمية.
اصبحت المدينة خلفي تماماً ومنظرها بين التلال لا ينسى. أنا الآن على قمة جبل الغفران او Alto Del Perdon حيث يتداول السكان المحليين أسطورة رجل مؤمن كاد أن يموت من العطش هناك ثم ظهر له الشيطان عارضاً عليه أن يفتح له ينبوع ماء مقابل أن يكفر بالله ولكن الرجل رفض وكاد أن يموت عطشاً. وبرحمة ومغفرة من الله أرسل له القديس جيمس يسقيه من ينبوع ربيعي بارد مكافأة له على إيمانه.
حجم إيمانهم العميق بمعتقداتهم وحبهم لسردها على الغرباء ومشاركة تلك القصص مع العابرين أمر ملهم. لا ينظرون لاختلافك عن دينهم بل يرون الإنسان بداخلك مهما كانت معتقداتك.
الرياح القوية أعلى الجبل لن تفوّت عليك فرصة التوقف لتأمل المنحوتات الحديدية التي تحكي قصة المكان و التي سأضعها صورة رمزية لتدوينة اليوم.
الطريق أصبح زلقاً أكثر وتنتشر الحجارة التي من الممكن أن تسبب التواء في الكاحل في حال عدم الانتباه. وصلت لبلدة بوينتي لا رينا Puente la Reina وقررت أن أذهب للصيدلية. أوجاع القدم أصبحت لا تطاق في تلك المرحلة.
التقيت هناك بسيدة بريطانية لا أذكر أسمها قالت لي “استمعي لجسدك حينما يتحدث لكِ، لو شعرتِ بألم، لا تكابري” ، يبدو أن الوقت قد حان بالفعل لنتشارك معاً انا وهي الحديث لأجسادنا هنا في هذه الصيدلية النائية.
اليوم قررت المبيت مع سيدات من الدنمارك في بيت ضيافة أسمه Albergue Jakue مقابل احد عشرة يوروات فقط. كنت منهكة وأحتاج للرفقة وسماع الحكايات.