“A Hemingway Novella”
أمامي اليوم مسافة واحد وعشرون كيلو متراً من زوبيري – Zubiri – البلدة التي قضيت ليلتي فيها البارحة كي أصل لوجهتي القادمة بنبلونة – Pamplona – وهي مدينة رئيسية في أسبانيا تشتهر بمهرجان يركض فيه المتسابقون في الشوارع هرباً من الثيران.
إن استطعت أن أمشي المسافة في حدود الخمس ساعات، فسأعتبر نفسي قد أنجزت نظراً لارتفاعات وانخفاضات الطريق.
يجب أن أدون هنا وقبل أن أنسى أنني كل ليلة أحجز لسكني في النقطة التالية لتجنب أي طارئ وحتى لا أجد نفسي أنام على الكراسي الخشبية الصغيرة كما فعلت “أوما” ببساطة أستخدم اجهزة الكمبيوتر وخدمة الانترنت المتوفرة في الفنادق الصغيرة والنزل وبيوت الضيافة التي أمر بها. او قد تصادفني أيام لا احجز فيها وأغامر. سنري!
سأكون أمينة في التدوين وأقول أنني اليوم شعرت بما يسمى بالتعب التراكمي. جميع أوجاع الايام القلية الماضية بدأت ترتكز في ظهري وقدمي. مررت بالعديد من القرى الصغيرة وتوقفت لتناول القهوة واشتريت من البقالة الصغيرة رغيف خبز ساخن وزيتون وجبن وصنعت لنفسي شطيرة لذيذة. البرد قارص لذا استعنت بوشاحي الصوفي ولففته حول عنقي بإحكام من حيث يتسرب لي الهواء.
في طريقي مررت بكنيسة القديس ستيفن. اثرية جداُ في عموم منطقة نافارا الاسبانية ولم تجدد حتى. ولها برج في أعلاه جرس قديم كما أنه مطل على التلال من الأسفل فتشاهد منه القرى البعيدة والطبيعة من حولك. في الأسفل يوجد تمثال مؤطر برونزي للمسيح محاط بالكامل بملصقات ورقية خضراء وصفراء على شكل أسهم كل من يأتي لهنا يدوّن أمنياته أو صلواته ويعلقها داخل الإطار. المنظر لي كمصورة كان ملفت جداً. سأحرص أن أبحث عن الصورة في قوقل وأرفقها مع هذه التدوينة.
لم أسلك الطريق الإسفلتي للوصول لبنبلونة بل اخترت المناطق الطبيعية والضواحي المحيطة بالمدينة. هناك تتعرف على الحياة الحقيقة لسكان المنطقة وتلتحم أكثر مع المكان.
الطرف الأيسر لأحد أصابع قدمي اليسار بدأ يرسل لي نبضات حارقة كنت اتجاهلها طويلاً لذا أيقنت حينها أنني قد تعرضت للبثرة الفقاعية الشهيرة التي تنتج من طول المشي. توقفت وعقمت المكان جففته جيداً وضعت القليل من الفازلين على الجرح ولففته بالكامل بضمادة جروح خاصة من القماش بعدها استبدلت جواربي بأخرى جديدة وواصلت المسير.
حينما دخلت بنبلونة شعرت فجأة وكأني قد دخلت لحفل راقي بلا ملابس لائقة. انتقال رهيب وسريع ومفاجئ من الطبيعة للمدينة. الشوارع ممتلئة بالبشر من كل الأعمار يرتدون ملابس أنيقة وعصرية. أطفال يركضون في كل مكان وساحات محاطة بمحلات تجارية كبيرة وكمية بشر تدخن السجائر بشراهة لم أشاهدها في حياتي. تستطيع تمييز أن هذا المجتمع رغم مدنيته إلا أنه محافظ على الرباط الأسري حيث تشاهد على طاولة واحدة عدة أجيال من ذات العائلة.
عرفت وجهتي لتلك الليلة حيث اخترت المبيت في فندق جميل أسمه هوتيل بلازا مقابل ستة وخمسون يورو ونصف. الفندق كناية عن بناية حديثة من عدة طوابق وعند مدخل الفندق هناك مقهى رصيف مميز.
الغرفة في غاية الدفء والنظافة. دورة المياه بدت لي ملوكية عظيمة وفاخرة. قررت أن أدلل نفسي بحمام ساخن وطويل وطلبت بعدها خدمة غسل الملابس فلا وقت أريد أن أضيعه وأنا أمامي مدينة ساحرة وتضج بالحياة مثل “بنبلونة”.
مسار رحلة اليوم : Zubiri – Pamplona (21 kms)
5th night stay: Hotel Pamplona Plaza .. Avenida Marcelo Celayeta, 35, 31014 Pamplona, Spain
Photo courtesy: google images